الفوترة الإلكترونية هي واحدة من المبادرات المهمة التي أطلقتها الحكومات في العديد من الدول لتعزيز الشفافية والكفاءة في التعاملات المالية. يُقصد بها التحول من النظام الورقي التقليدي لإصدار الفواتير إلى نظام إلكتروني يعتمد على تقنية حديثة لخلق وتخزين وتبادل الفواتير بشكل رقمي. في هذا المقال، سنستعرض شروط الفوترة الإلكترونية بالتفصيل، متناولين أهم الجوانب التي يجب أن يأخذها الأفراد والمؤسسات في الاعتبار.
الفوترة الإلكترونية هي عملية إنشاء وتبادل الفواتير بين الأطراف المعنية باستخدام الوسائل الرقمية فقط. تعتمد الفواتير الإلكترونية على أنظمة محوسبة تقوم بتسجيل وحفظ جميع المعاملات المالية المرتبطة بعمليات البيع والشراء، مع إمكانية تبادلها مع الجهات الأخرى (مثل الهيئات الضريبية) عبر الإنترنت. هذا النظام يوفر بيانات دقيقة وشفافة ويمكن متابعتها بسهولة من قبل جميع الأطراف.
المرحلة الأولى من الفوترة الإلكترونية:
بدأت المرحلة الأولى من الفوترة الإلكترونية في 4 ديسمبر 2021 في المملكة العربية السعودية، وكانت تُعرف باسم مرحلة الإصدار والحفظ. هذه المرحلة كانت إلزامية على جميع الأشخاص الخاضعين لضريبة القيمة المضافة، مع بعض الاستثناءات مثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تبلغ مبيعاتها السنوية أقل من 5 ملايين ريال سعودي.
متطلبات المرحلة الأولى:
إصدار الفواتير الإلكترونية: كان يتعين على المنشآت إصدار فواتير إلكترونية باستخدام حلول تقنية متوافقة مع متطلبات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك. كانت الفواتير تتضمن معلومات مثل اسم البائع والمشتري، الرقم الضريبي، تفاصيل السلع أو الخدمات، وقيمة الضريبة المضافة.
حفظ الفواتير إلكترونيًا: من شروط الفوترة الإلكترونية أنه يجب حفظ جميع الفواتير في شكل إلكتروني لضمان إمكانية استرجاعها وتدقيقها عند الحاجة. كان هذا الحفظ يتطلب التوافق مع معايير أمان البيانات وضمان عدم تعديل الفواتير بعد إصدارها.
المرحلة الثانية من الفوترة الإلكترونية:
تُعرف المرحلة الثانية باسم مرحلة الربط والتكامل، وبدأت في 1 يناير 2023. في هذه المرحلة، يتم ربط الحلول التقنية المستخدمة لإصدار الفواتير الإلكترونية مع نظام هيئة الزكاة والضريبة والجمارك. يتم التركيز في هذه المرحلة على التكامل المباشر بين أنظمة المنشآت ونظام الهيئة لضمان مراقبة فورية وفعّالة لجميع الفواتير الإلكترونية.
متطلبات المرحلة الثانية:
الربط مع الهيئة: يجب على المنشآت ربط أنظمة الفوترة الخاصة بها مع نظام الهيئة بشكل إلكتروني لضمان مشاركة البيانات في الوقت الحقيقي. يتم ذلك عبر إرسال جميع الفواتير الضريبية إلكترونيًا إلى الهيئة فور إصدارها
تطبيق المرحلة الثانية من الفوترة الإلكترونية
تطبيق المرحلة الثانية من الفوترة الإلكترونية يأتي كتطوير إضافي بعد المرحلة الأولى، وتهدف هذه المرحلة إلى تعزيز الشفافية والرقابة بشكل أكبر من خلال تكامل الأنظمة الإلكترونية وإلزام المنشآت بتبادل الفواتير إلكترونيًا مع الجهات الضريبية بشكل أكثر مباشرةً وتفصيلاً. عادةً، يكون هذا التطبيق أكثر تفصيلًا ويشمل شروطًا إضافية ترتبط بالتقنية والمطابقة.
1. المرحلة الثانية: مرحلة التكامل والربط
يطلق على المرحلة الثانية من شروط الفوترة الإلكترونية “مرحلة التكامل والربط”، وهي تتطلب من المنشآت الربط الإلكتروني مع أنظمة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك (أو الجهة المختصة في الدولة). في هذه المرحلة، يتم إرسال الفواتير الضريبية إلى الهيئة بشكل مباشر أو شبه مباشر، وتوفير آليات تقنية للتحقق من الفواتير والمصادقة عليها.
2. المنشآت المستهدفة في المرحلة الثانية
في هذه المرحلة، يُلزم التطبيق للمنشآت التي تحقق مستويات محددة من الإيرادات السنوية أو تتبع قطاعات معينة، مثل:
- الشركات الكبيرة والمتوسطة
- القطاعات التي تتعامل بشكل كبير مع الفواتير الضريبية، مثل التجزئة، المبيعات الإلكترونية، والخدمات المالية
- المنشآت التي لها تعاملات تجارية مع شركات أو جهات حكومية أو دولية
تختلف الفئات المستهدفة بناءً على الإرشادات التي تصدرها الجهة الضريبية المختصة في كل دولة.
3. الالتزامات التقنية للمنشآت في المرحلة الثانية
المرحلة الثانية تتطلب من المنشآت استخدام حلول فوترة إلكترونية متقدمة تتماشى مع المتطلبات الفنية التي تفرضها الهيئة. وتشمل هذه الالتزامات:
3.1 استخدام نظام فوترة إلكتروني متوافق
يجب على المنشآت استخدام أنظمة فوترة إلكترونية معتمدة من الجهات المختصة. هذه الأنظمة يجب أن تتضمن ميزات مثل:
- إصدار الفواتير بتنسيق إلكتروني معتمد (مثل صيغة XML أو PDF/A-3).
- التوقيع الإلكتروني لضمان أصالة الفاتورة وعدم تعديلها بعد الإصدار.
- التحقق من صحة الفاتورة قبل إرسالها إلى العميل أو الهيئة الضريبية.
3.2 الربط مع الهيئة الضريبية
أحد المتطلبات الرئيسية هو الربط مع نظام الهيئة الضريبية. يتم ذلك عبر وسائل اتصال آمنة، بحيث يتم إرسال الفواتير بشكل مباشر إلى الهيئة بعد إصدارها. هذا الربط يسمح للهيئة بالتحقق من جميع الفواتير المصدرة ومراقبتها في الوقت الفعلي.
3.3 التعامل مع الفواتير الضريبية وغير الضريبية
يجب أن تكون المنشآت قادرة على إصدار نوعين من الفواتير:
- الفواتير الضريبية: وهي الفواتير التي تحتوي على ضريبة القيمة المضافة أو أي ضرائب أخرى.
- الفواتير المبسطة: وهي فواتير للمشتريات الأصغر أو التعاملات مع الأفراد، وتشمل بيانات أقل من الفواتير الضريبية العادية.
3.4 التوقيع الإلكتروني والرقمي
كل فاتورة يجب أن تكون موقعة إلكترونيًا باستخدام التوقيع الرقمي لضمان عدم التلاعب بالفاتورة بعد إصدارها. يتم ذلك من خلال استخدام شهادات توقيع رقمية معتمدة.
4. مراحل تطبيق الفوترة الإلكترونية في المرحلة الثانية
التطبيق يتم على مراحل زمنية محددة تحددها الجهات الضريبية، وعادةً ما يتم تقسيم الشركات إلى مجموعات بناءً على حجم الإيرادات أو القطاع الذي تنتمي إليه. يشمل التطبيق:
- مرحلة التحضير: خلال هذه المرحلة، يجب على الشركات تجهيز أنظمتها التقنية وتحديثها لتتوافق مع متطلبات الهيئة.
- مرحلة الربط التجريبي: تختبر المنشآت أنظمة الفوترة الإلكترونية وتقوم بتجربة الربط مع الهيئة الضريبية بشكل غير إلزامي للتأكد من كفاءة العمليات.
- مرحلة التطبيق الإلزامي: في هذه المرحلة، يصبح تطبيق الفوترة الإلكترونية إلزاميًا على جميع المنشآت المستهدفة، ويجب إصدار الفواتير الإلكترونية ومشاركتها مع الهيئة بشكل مستمر
ما هي عناصر الفوترة الالكترونية
عناصر الفوترة الإلكترونية حسب شروط المرحلة الثانية تعتمد على مجموعة من المتطلبات الأساسية التي تفرضها الجهات الضريبية لضمان التكامل والشفافية في إصدار وتبادل الفواتير. هذه العناصر تشمل الجوانب التقنية والمعلوماتية التي يجب أن تتوفر في كل فاتورة إلكترونية حتى تكون متوافقة مع الأنظمة الإلكترونية والضريبية المعمول بها.
1. بيانات الفاتورة الأساسية
تشمل البيانات الأساسية التي يجب أن تتوفر في كل فاتورة إلكترونية ما يلي:
- اسم البائع (المصدر): الاسم القانوني الكامل للمنشأة التي تصدر الفاتورة.
- الرقم الضريبي للبائع: الرقم الضريبي المعتمد من الهيئة الضريبية.
- اسم المشتري (العميل): إذا كانت الفاتورة موجهة لمنشأة أخرى أو شخص قانوني، يجب ذكر اسم العميل.
- الرقم الضريبي للمشتري: في حال كان المشتري منشأة مسجلة في النظام الضريبي، يجب تضمين الرقم الضريبي الخاص به.
- رقم الفاتورة: يجب أن يكون لكل فاتورة رقم تسلسلي فريد لا يتكرر.
- تاريخ الفاتورة: التاريخ الذي تم فيه إصدار الفاتورة.
2. تفاصيل المنتجات أو الخدمات المقدمة
- وصف المنتجات أو الخدمات: يجب أن تتضمن الفاتورة وصفًا دقيقًا للسلع أو الخدمات المقدمة.
- الكميات: ذكر الكميات المباعة من السلع أو الخدمات.
- السعر لكل وحدة: السعر الفردي لكل وحدة من المنتجات أو الخدمات.
- إجمالي السعر قبل الضريبة: إجمالي قيمة المنتجات أو الخدمات قبل إضافة الضريبة.
3. الضرائب
- قيمة الضريبة المضافة: يجب أن تتضمن الفاتورة مبلغ ضريبة القيمة المضافة أو أي ضرائب أخرى مطبقة.
- نسبة الضريبة: النسبة المئوية للضريبة المضافة على كل سلعة أو خدمة.
- إجمالي الضريبة: المبلغ الإجمالي للضرائب المستحقة على المعاملة.
4. إجمالي المبلغ المستحق
- إجمالي المبلغ بعد الضريبة: المبلغ النهائي الذي يجب على العميل دفعه بعد إضافة الضرائب.
5. التوقيع الإلكتروني
- يجب أن تحتوي الفاتورة الإلكترونية على توقيع رقمي معتمد لضمان صحتها وأصالتها. التوقيع الإلكتروني هو عنصر أساسي في الفوترة الإلكترونية في المرحلة الثانية لضمان حماية البيانات والتحقق من عدم التلاعب بالفواتير.
6. كود QR (الاستجابة السريعة)
- يُعد كود الاستجابة السريعة (QR) عنصرًا إجباريًا في الفواتير الإلكترونية في المرحلة الثانية. يمكن للهيئات الضريبية أو الجهات المختصة مسح هذا الكود للتحقق من صحة الفاتورة الإلكترونية والحصول على المعلومات الضرورية بسرعة.
7. الربط مع الهيئة الضريبية
- الربط الإلكتروني: يجب أن تكون الفواتير مرتبطة بشكل مباشر مع الهيئة الضريبية، حيث يتم إرسال الفواتير بشكل إلكتروني عبر نظام معتمد إلى الهيئة لمراجعتها والتحقق من صحتها.
8. تنسيق الفاتورة الإلكتروني
- يجب إصدار الفواتير الإلكترونية بتنسيقات معتمدة مثل XML أو PDF/A-3 التي تتيح تخزين وتبادل البيانات بشكل آمن وموثوق. هذه التنسيقات تسهل على الهيئات الضريبية تحليل البيانات والتحقق من صحة الفواتير.
9. معلومات الفاتورة المبسطة (إن وجدت)
في حال كان الأمر يتعلق بفواتير مبسطة (للمعاملات الصغيرة)، يجب أن تتضمن المعلومات الأساسية فقط مثل:
- اسم وعنوان البائع.
- إجمالي المبلغ.
- قيمة الضريبة المضافة.
10. تفاصيل التعديل أو الإلغاء (إن وجدت)
- إذا كانت الفاتورة تعديلاً أو إلغاءً لعملية سابقة، يجب ذكر البيانات المتعلقة بالفاتورة الأصلية وتوضيح سبب التعديل أو الإلغاء.
الأسئلة الشائعة حول الفوترة الإلكترونية
1. ما هو الهدف الرئيسي من الفوترة الإلكترونية؟
الهدف الرئيسي من الفوترة الإلكترونية هو تعزيز الشفافية في التعاملات المالية، تقليل التهرب الضريبي، تحسين الكفاءة التشغيلية، وتسهيل التدقيق الضريبي عن طريق الاعتماد على وسائل رقمية موثوقة لإصدار وحفظ الفواتير.
2. هل تطبق الفوترة الإلكترونية على الأفراد أم فقط على المنشآت التجارية؟
الفوترة الإلكترونية تطبق بشكل أساسي على المنشآت التجارية التي تخضع لضريبة القيمة المضافة. الأفراد الذين لا يديرون نشاطًا تجاريًا أو غير مسجلين في النظام الضريبي لا يتطلب منهم استخدام الفواتير الإلكترونية.
3. هل الفوترة الإلكترونية تُعفى منها المنشآت الصغيرة؟
في بعض الدول، مثل المملكة العربية السعودية، قد تكون المنشآت الصغيرة التي تحقق مبيعات سنوية أقل من حد معين (5 ملايين ريال سعودي) معفاة في المرحلة الأولى من الفوترة الإلكترونية. ومع ذلك، قد تكون ملزمة في المراحل اللاحقة بالالتزام حسب توجيهات الهيئة الضريبية.
4. ما الفرق بين الفاتورة الإلكترونية والفاتورة الورقية الممسوحة ضوئيًا؟
الفاتورة الإلكترونية يتم إنشاؤها وإصدارها وحفظها باستخدام وسائل إلكترونية فقط. أما الفاتورة الورقية الممسوحة ضوئيًا، فهي فاتورة ورقية تم تحويلها إلى صيغة رقمية باستخدام ماسح ضوئي، لكنها لا تعتبر فاتورة إلكترونية لأنها لم تُنشأ رقمياً ولم تخضع للمعايير التقنية المطلوبة.
5. هل يمكن تعديل الفاتورة الإلكترونية بعد إصدارها؟
الفواتير الإلكترونية، بموجب القوانين الضريبية، لا يمكن تعديلها بعد إصدارها. إذا كان هناك خطأ في الفاتورة، يجب إصدار فاتورة تصحيحية أو إشعار دائن أو مدين يوضح التعديلات اللازمة.
6. كيف يمكن التعامل مع الأخطاء في الفواتير الإلكترونية؟
في حال وجود خطأ في الفاتورة الإلكترونية، يجب إصدار إشعار دائن أو مدين لتعديل المبلغ أو تصحيح البيانات، حسب نوع الخطأ. هذه الإشعارات تضمن الحفاظ على سجلات دقيقة وموثوقة.
7. هل يجب أن يكون لدي اتصال دائم بالإنترنت لإصدار الفواتير الإلكترونية؟
نعم، في المرحلة الثانية من تطبيق شروط الفوترة الإلكترونية، يتطلب الربط الفوري مع نظام الهيئة الضريبية اتصالاً دائمًا بالإنترنت. هذا يسمح بإرسال الفواتير والتحقق منها بشكل مباشر وفوري مع الجهات المختصة.
8. ما هو الفرق بين الفواتير الضريبية والفواتير المبسطة؟
- الفواتير الضريبية: تُستخدم في المعاملات بين المنشآت التجارية التي تتضمن ضريبة القيمة المضافة وتتطلب تفاصيل دقيقة مثل اسم المشتري والرقم الضريبي.
- الفواتير المبسطة: تُستخدم عادة في المعاملات مع الأفراد، وتتضمن تفاصيل أقل، مثل اسم البائع، إجمالي المبلغ، وقيمة الضريبة المضافة.
9. هل يتم تطبيق الفوترة الإلكترونية على التعاملات الدولية؟
نعم، في حال كانت المنشأة التجارية تتعامل مع شركات دولية أو تقوم بعمليات تصدير واستيراد، فإن الفواتير الإلكترونية مطلوبة وتعتبر جزءًا من الالتزامات الضريبية الدولية. يجب على الفواتير الامتثال للمعايير المحلية والدولية بحسب القوانين المعمول بها.
10. هل يمكن أن أستخدم برامج فوترة إلكترونية غير معتمدة من الهيئة؟
لا، يتعين على المنشآت استخدام أنظمة فوترة إلكترونية معتمدة من الهيئة الضريبية لضمان الامتثال الكامل للقوانين. يجب أن يتوافق النظام مع المتطلبات الفنية مثل التوقيع الرقمي والتنسيق المعتمد للفاتورة الإلكترونية (مثل XML أو PDF/A-3).
ختامًا
في الختام، تعتبر تطبيق شروط الفوترة الإلكترونية خطوة هامة نحو مستقبل أكثر شفافية وكفاءة في مجال الأعمال التجارية. على الرغم من التحديات التي قد تواجه الشركات في تبنيها، إلا أن الفوائد التي تقدمها على المدى الطويل تجعل منها استثمارًا ضروريًا لكل الشركات التي تسعى للامتثال للقوانين وتحقيق الكفاءة التشغيلية.